Admin Admin
عدد الرسائل : 86 تاريخ التسجيل : 08/06/2007
| موضوع: سورة الضحى الخميس يونيو 14, 2007 11:07 am | |
| الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين امام البلغاء سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين لمسات بيانية في سورة الضحى للأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي استاذ الأدب في كلية اللغة العربية في جامعة الشارقة َوالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2)ما هي دلالة القسم في قوله تعالى (والضحى)يذكر اهل التفسير ان الوحي ابطأ على رسول الله r اياماً فشقّ ذلك عليه وقيل له إن ربك قلاك فأنزل الله تعالى هذه السورة رداً على المشركين واكراما للرسول r . فلماذا حزِن الرسول الكريم وجزع لانقطاع الوحي مع ما يلقاه في سبيل الوحي من العنت والجهد؟ في الحقيقة انه اختبار من الله تعالى للرسول الكريم: هل هو حريص على الوحي وما فيه من مشقة ام انه سيرتاح من هذا الوحي الثقيل؟ وهذا فيه توجيه الى الدعاة أنه عليهم ان يصبروا ويثبتوا في الدعوة مهما لاقوا من مشقة وعنت في سبيل الدعوة الى الله.الضحى في اللغة هو وقت ارتفاع الشمس بعد الشروقسجى في اللغة لها ثلاث معاني. فهي بمعنى سكن، او اشتد ظلامه او غطى مثل تسجية الميت.اقسم الله تعالى بالضحى والليل اذا سجى انه ما ودع رسوله وما قلاه، والضحى هنا يمثل نور الوحي واشراقه كما قال المفسرون. والليل يمثل انقطاع الوحي وسكونه والدنيا من غير نور الوحي ظلام ولذلك قدم سبحانه الضحى هنا لانه ما سبق من نور الوحي وأخر الليل لما يمثل من انقطاع الوحي. وقال بعض المفسرين ان القسم يشير ان الانقطاع يمثل الاستجمام والسكون كما يرتاح الشخص المتعب في الليل ومن معاني سجى السكون وهو يمثل الراحة وهو نعمة. قالقسم هنا جاء لما تستدعيه الحالة التي هو فيها.ما اللمسة البيانية في كلمة (سجى) وليست في كلمتي غشي او يسر ؟ كما في قوله (والليل اذا يغشى) (والليل اذا يسر) سبق القول ان من معاني سجى: سكن وهذا يمثل سكون الوحي وانقطاعه وهذا هو السكون، والانقطاع ظلمة وهذا المعنى الثاني لسجى فكلمة سجى جمعت المعاني كلها التي تدل على انقطاع الوحي وسكونه. اما كلمة يغشى او يسر فهما تدلان على الحركة وهذا يناقض المعنى للقسم في هذه السورة. وعليه فان القسم (والضحى والليل اذا سجى) هو انسب قسم للحالة التي هو فيها من نور الوحي وانقطاعه وكل قسم في القرآن له علاقة بالمقسم به.ما الحكم البياني في استخدام كلمة (والضحى) بدل والفجر او النهار؟ الضحى هو وقت اشراق الشمس اما النهار فهو كل الوقت من اول النهار الى آخره. والضحى يمثل وقت ابتداء حركة الناس يقابله الليل اذا سجى وهو وقت السكون والراحة. والفجر هو اول دخول وقت الفجر (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر) ولا يكون هناك ضوء بعد او نور كوقت الضحى بعد شروق الشمس.مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى اين مفعول الفعل قلى؟في هذه الآية الكريمة ذكر مفعول الفعل ودع وهو (الكاف في ودعك) وحذف مفعول الفعل قلى (ولم يقل قلاك)في اللغة عند العرب التوديع عادة يكون بين المتحابين والاصحاب فقط ويكون عند فراق الاشخاص. اختلف النحات في سبب ذكر مفعول فعل التوديع وحذف مفعول فعل قلى منهم من قال لظهور المراد بمعنى ان الخطاب واضح من الآيات انه لرسول الله r ومنهم من قال انها مراعاة لفواصل الآيات في السورة (الضحى، سجى، قلى، الاولى،...) لكن القرآن العظيم لا يفعل ذلك لفواصل الآيات وحدها على حساب المعنى ابداً ولا يتعارض المعنى مع الفاصلة والمقام في القرآن كله. فلماذا اذن هذا الحذف والذكر؟الذكر من باب التكريم والحذف من باب التكريم ايضاً. لم يقل الله تعالى قلاك لرسوله الكريم حتى لاينسب الجفاء للرسول r فلا يقال للذي نحب ونجل ما اهنتك ولا شتمتك انما من باب ادب المخاطبة يقال ما اهنت وما شتمت فيحذف المفعول به اكراما للشخص المخاطب وتقديرا لمنزلته وترفع عن ذكر ما يشينه ولو كان بالنفي.اما التوديع فالذكر فيه تكريم للمخاطب فيحسن ذكر المفعول مع افعال التكريم وحذفه مع افعال السوء ولو بالنفي. وهكذا يوجه الله تعالى المسلمين لأدب الكلام ويعلمنا كيف نخاطب الذين نجلهم ونحترمهم. ولقد جمعت هذه الآية التكريم للرسول من ربه مرتين مرة بذكر المفعول مع فعل التوديع ومرة بحذف المفعول مع الفعل قلى.فلماذا قال تعالى ربك ولم يقل الله؟ هنا تكريم آخر من الله تعالى لرسوله الكريم. فالرب هو المربي والموجه والقيم. وذكر الفاعل وهو الرب اكرام آخر فلم يقل لم تودع ولم تقلى. والرب هو القيم على الامر فكيف يودعك وهو ربك لا يمكن ان يودع الرب عبده كما لا يمكن لرب البيت ان يودعه ويتركه ورب الشئ لا يودعه ولا يتركه وانما يرعاه ويحرص عليه. واختيار كلمة الرب بدل كلمة الله لأن لفظ الجلالة الله كلمة عامة للناس جميعا ولكن كلمة الرب لها خصوصية وهذا يحمل التطمين للرسول الكريم من ربه الذي يرعاه ولا يمكن ان يودعه او يتركه ابداً.وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىاختلف المفسرون في معنى كلمة الآخرة فمنهم من قال انها ما هو غير الدنيا بمعنى الدار الآخرة. وقسم قال انها كل ما يستقبل من الحياة على العموم كما جاء في قوله تعالى (فاذا جاء وعد الآخرة ...) الآخرة هنا ليست في القيامةالآخرة في سورة الضحى جاءت مقابل الاولى ولم تأت مقابل الدنيا فلم يقل وللآخرة خير لك من الدنيا. ومعنى الآية ان ما يأتي خير لك ايها الرسول مما مضى اي من الآن فصاعداً فيما يستقبل من عمرك هو خير لك من الاولى وأكد ذلك باللام في كلمة وللآخرة. وقد حصل هذا بالفعل فكل ما استقبل من حياته r خير له مما حصل .فلماذا لم يقل خير لك من الدنيا؟ لأنه لو قالها لما صحت إلا في الآخرة فكأنما حصر الخير في الآخرة فقط ونفى حصول الخير فيما يستقبل من حياته r وهذه الآية توكيد لما سبقها في قوله تعالى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى.ولماذا قال تعالى (لك) ولم يقل وللآخرة خير من الاولى؟ هذه السورة وسورة الشرح هما خاصتان بالرسول r وهو المخاطب المباشر بهما ولو قال تعالى وللآخرة خير من الاولى لما صح هذا القول لانه سيكون عاما للناس جميعا وهذا ما لا يحصل وعندها ستفيد الاطلاق ولا يصح على عمومه لان بعض الناس آخرتهم شر لهم من اولاهم ولا يصح هذا الكلام على اطلاقه انما لا بد من ان يخصص المعنى وهو للرسول الكريم r بالذات ولهذا قال تعالى (وللآخرة خير لك من الاولى) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىما هي علاقة هذه الآية بما سبقها من الآيات؟سوف دالة على الاستقبال وقد سبق ان قال تعالى وللآخرة خير لك من الاولى وهي تدل ايضا على الاستقبال وجاء ايضاً باللام في (ولسوف) واكده بنفس التوكيد باللام في (وللآخرة)ولماذا لم يحدد العطاء بشئ ما وانما قال ولسوف يعطيك ربك فترضى؟ لقد اطلق سبحانه العطاء ولم يحدده انما شمل هذا العطاء كل شيء ولم يخصصه بشيء معين اكراماً للرسول الكريم r وتوسيعاً للعطاء وكذلك اطلق فعل الرضى كما اطلق العطاء فجعل العطاء عاماً وجعل الرضى عاماً وذكر المعطي ايضاً وهو الرب وعلينا ان نتخيل كيف يكون عطاء الرب؟ والعطاء على قدر المعطي وهذا كله فيه تكريم للرسول كذلك في اضافة ضمير الخطاب (الكاف في ربك) تكريم آخر للرسول rلماذا اختيار كلمة (فترضى) اختيار هذه الكلمة بالذات في غاية الاهمية فالرضى هو من اجل النعم على الانسان وهو اساساً الاستقرار والطمأنينة وراحة البال فإن فقد الرضى حلت الهموم والشقاء ودواعي النكد على الانسان. وان فقد في جانب من جوانب الحياة فقد استقراره بقدر ذلك الجانب ولذا جعل الله تعالى الرضى صفة أهل الجنة (فهو في عيشة راضية) (فارجعي الى ربك راضية مرضية). وعدم الرضى يؤدي الى الضغط النفسي واليأس وقد يؤدي الى الانتحار. والتعب مع الرضى راحة والراحة من دونه نكد وتعب، والفقر مع الرضى غنى والغنى من دونه فقر، والحرمان معه عطاء والعطاء من دونه حرمان. لذا فان اختيار الرضى هو اختيار نعمة من اجل النعم ولها دلالتها في الحياة عامة وليست خاصة بالرسول الكريم r فاذا رضي الانسان ارتاح وهدأ باله وسكن وان لم يرض حل معه التعب والنكد والهموم والقلق مع كل ما أوتي من وسائل الراحة والاستقرار. | |
|
Admin Admin
عدد الرسائل : 86 تاريخ التسجيل : 08/06/2007
| |